ما المشكلة؟ التغير المناخي،
ماسببها؟ تركز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي مما يسبب تسخين الكوكب،
ما الحل؟ إلغاء الانبعاثات بأسرع وقت والتأقلم مع الواقع الجديد.
هل هذا جواب نهائي؟ ألا يمكننا أن ننزع الكربون من الغلاف الجوي مثلاً؟ أو أن نبرد الأرض بدرجات مساوية للاحترار العالمي؟ هل تعرف ماهي الهندسة الجيلوجية الشمسية أو هندسة المناخ؟
“هندسة المناخ” أو الهندسة الجيولوجية الشمسية:
بكل بساطة ووضوح هي إدارة قدرة البشر على التعامل مع مقدار الإشعاع الشمسي المنعكس إلى الفضاء وأيضا كيفية إبطاء درجة الاحترار العالمي؛ بكلام أوضح قدرة البشر على تبريد الكوكب بشكل اصطناعي!.
هناك ثلاث تقنيات مقترحة في هندسة الجيولوجية الشمسية والتي تحاول بثلاث طرق عكس أشعة الشمس عن كوكبنا وفي الحقيقة تعتبر الأفكار بحد ذاتها بسيطة لكن جنونها يكمن في تنفيذها على الكوكب أو على مساحات شاسعة منه.
ماهي التقنيات الثلاثة لهندسة الجيولوجية الشمسية؟
التقنية الأولى: طلاء المدن باللون الأبيض!
هل تساءلت يومًا لماذا تصنع خزانات المياه عادةً من مواد بيضاء اللون؟ أو لماذا ينصح بارتداء اللون الأبيض في أيام الصيف الحارة؟
السبب بسيط اللون الأبيض يعكس أشعة الشمس، ويمكن استخدام هذه الفكرة لتبريد المدن عن طريق طلاء المنازل والأسطح باللون الأبيض.
“السقف الأبيض يكون أبرد بحوالي 30٪ من السقف الداكن. وهذه الفكرة بسيطة ورخيصة، ولكنها يمكن أن تكون فعالة إذا تم تطبيقها على نطاق واسع،”
السقف الأبيض يكون أبرد بحوالي 30٪ من السقف الداكن. وهذه الفكرة بسيطة ورخيصة، ولكنها يمكن أن تكون فعالة إذا تم تطبيقها على نطاق واسع، تقول سونيا سينيفيراتني، عالمة المناخ في معهد زيورخ للتكنولوجيا في سويسرا، إن “طلاء الأسطح باللون الأبيض يمكن أن يقلل درجات الحرارة على نطاق محلي بمقدار درجة واحدة. وفي الأيام شديدة الحرارة، يمكن أن يكون التأثير أكبر”.
وقد حققت مبادرة “الأسطح البادرة” في مدينة نيويورك نجاحًا في هذا المجال. حيث تم طلاء أكثر من مليون متر مربع من مساحة الأسطح في المدينة باللون الأبيض منذ عام 2009، وقد أدت هذه الأسطح البيضاء إلى تبريد المنازل والشوارع، كما ساعدت في تقليل استخدام أجهزة التكييف، ويقدر العلماء أنه إذا تم طلاء جميع الأسطح والأرصفة في جميع أنحاء العالم باللون الأبيض، فقد يمكن أن يقلل ذلك من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما يعادل ما تصدره 700 محطة طاقة متوسطة الحجم تعمل بالفحم.
التقنية الثانية: استخدام أسطح البحار كمرايا! :
قد يبدو هذا المشروع خياليًا، ولكن بعض العلماء يبحثون عن طريقة لتبريد الأرض عن طريق تغطية أجزاء كبيرة من المحيطات بما يسمى “الرغوة الصناعية”، فالمحيطات تغطي 70٪ من سطح الأرض، ولكن الماء الداكن يعكس القليل من أشعة الشمس ويمتص الكثير من الحرارة.
يعتقد العلماء أنه إذا تم تخفيف سطح المحيطات، فسوف تقل درجة الحرارة.
كوري غابرييل، عالم المناخ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، هو أحد المؤيدين لهذه النظرية، يقول: “فكرة وجود فقاعات صغيرة على سطح المحيطات يمكن أن تصنع رغوة تعكس أشعة الشمس ونشرها في مواقع استراتيجية لإحداث نتائج مناخية معينة”.
من الناحية النظرية، يمكن للرغوة أن تعكس أشعة الشمس بمعدل 10 مرات أكثر من سطح الماء الداكن. إذا تم استخدام كميات كبيرة من الرغوة، فقد يمكن تبريد الأرض بمقدار 0.5 درجة مئوية.
“يمكن للرغوة أن تعكس أشعة الشمس بمعدل 10 مرات أكثر من سطح الماء الداكن. إذا تم استخدام كميات كبيرة من الرغوة، فقد يمكن تبريد الأرض بمقدار 0.5 درجة مئوية.”
اقترح بعض العلماء أن يمكن تحريك الرغوة بمساعدة السفن لنشرها في مناطق مختلفة من المحيط.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول هذا المشروع. لا أحد يعرف حتى الآن التأثير الذي قد يسببه وجود هذه الرغوات على سطح المحيطات، وخاصة على الكائنات البحرية.
التقنية الثالثة: محاكاة قوة البراكين! :
“ما أسفر عن تبريد الأرض بنحو نصف درجة مئوية في الأشهر التالية، الأمر الذي أثار دهشة العلماء في حينه.”
في يونيو/ حزيران 1991 وقع ثاني أكبر ثوران بركاني في القرن عندما ثار بركان جبل بيناتوبو في الفلبين. وقد أدى ثورانه إلى اطلاق أطنان من الرماد والغاز صوب الغلاف الجوي وقد تحركت لمسافات بعيدة ما أسفر عن تبريد الأرض بنحو نصف درجة مئوية في الأشهر التالية، الأمر الذي أثار دهشة العلماء في حينه.
ومع تفسير الواقعة يمكن معرفة السبب في ذلك إذ عكست جزيئات صغيرة في الهواء تسمى “الهباء الجوي” جراء ثوران البركان مزيدا من أشعة الشمس إلى الفضاء مقارنة بالظروف العادية.
وقد نجم عن هذا انخفاض ظاهرة الاحتباس الحراري، لذا يرى العلماء مثل كيث أن هناك امكانية لتقليد هذا الأمر بشكل مصطنع عن طريق حقن جزيئات الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير بمعنى إدخال رذاذ الكبريت في الستراتوسفير على بعد ما بين 15 و50 كيلومترا فوق سطح الأرض.
وعلى وقع هذا، سوف تتحد جزيئات الهباء الجوي مع جزيئات الماء ما يسفر عنه عكس المزيد من أشعة الشمس أكثر من المعتاد في غضون عام أو ثلاثة أعوام، بيد أن هذا الأمر منطقه الاعتبارات النظرية وليس العلمية. وفي ذلك، يقول كيث إن “هناك دليل ناجم عن كل نموذج مناخي فردي يوضح أنه إذا قمت بتوزيع الهباء الجوي من الشمال إلى الجنوب والشرق والغرب في طبقة الستراتوسفير قد يمكن تقليل العديد من المخاطر المناخية التي قد تشمل توافر المياه والتغيرات في درجات الحرارة بما في ذلك ارتفاع درجة الاحترار العالمي”.
بيد أن الأمر ليس بهذه السهولة إذ يتعين حقن جزيئات الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير على مدى عقود وعلى مساحة كبيرة من أجل تبريد الأرض بشكل دائم وهذا ما قد يتطلب إيجاد بالونات أو طائرات أو حتى ناطحات سحاب وأبراج ضخمة.
كذلك ينطوى على هذه النظرية التي يتم اختبارها حتى الآن، مخاطر كبيرة إذ يخشى بعض العلماء من أن يؤدي حقن جزيئات الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير إلى زيادة الظروف المناخية القاسية أو هطول أمطار حمضية أو إلحاق الضرر بطبقة الأوزون.
لكن يمكن أن تساعد “هندسة المناخ” في حماية غلات المحاصيل.
ركزت دراسة جديدة أجرتها كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة هارفارد، بالاشتراك مع المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي (NCAR)، على سؤال مهم بشكل خاص حول الهندسة الجيولوجية الشمسية: ما إذا كان من الممكن أن تساعد في حماية الزراعة. ووجد الباحثون أنه قد يكون فعالا بشكل مدهش في حماية غلات المحاصيل من ظاهرة الاحتباس الحراري.
استخدم فريق البحث نموذج لمحاكاة استجابة المحاصيل للتغيرات في المناخ، وخلص إلى أن الهندسة الجيولوجية الشمسية سيكون لها تأثير تبريد قوي يمكن أن يفيد المحاصيل العالمية من الذرة والقمح والأرز وغيرها من المحاصيل الحيوية. على الرغم من أن أنماط هطول الأمطار قد تتغير، إلا أن تأثير التبريد والرطوبة النسبية العالية من شأنه أن يقلل من آثار الإجهاد المائي، وفقًا لعمليات المحاكاة النموذجية.
وقالت دانيكا لومباردوزي، العالمة في المركز الوطني للبحوث الزراعية، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: “من المهم أن نعرف ما يمكن أن نتوقعه من المحاصيل الزراعية مع تغير المناخ”. “لا يمكن للهندسة الجيولوجية الشمسية أن تعيد غلافنا الجوي إلى حالته الطبيعية، لكن هذه الدراسة تظهر أنها قد تكون أداة مهمة للمساعدة في تغذية المجتمع إذا استمرت انبعاثات الغازات الدفيئة.”
إذن ما المشكلة؟
ربما كان واضحاً ذكر هارفرد في غالبية الأبحاث التي جرت في هذه التدوينة لابل في غالبية الأوراق أو المقالات العلمية التي تتحدث عن هذه الاستراتيجية في محاربة التغير المناخي حيث تدور أقاويل واتهامات في الوسط العلمي تزعم أن الأبحاث في مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية تمولها شركات النفط أو الشركات الأكثر انبعاثات لتخفف من الضغوط التي تتعرض لها ومنع تشكيل إجماع شعبي أو سياسي ضدها، ففكرة وجود حلول سريعة وسهلة (سهلة بالمقارنة مع الواقع المفروض) يمنع حدوث استقطاب عالمي يعطل مصالح وأعمال هذه الشركات والتي قد يوقف استثماراتها، كما توصف هندسة المناخ بأنها تنتج حلول آنية دون الاكتراث بالآثار الاستراتيجية أو التراكمية طويلة الأمد وهذا يناقض حرفياً منطق وطريقة عمل التغير المناخي والتي لا تزال مشوشة والتوقعات التي يضعها العلم حتى الآن غير دقيقة وترتبط بكم هائل من المتغيرات التي يعجز الانسان من حصرها حتى الآن على الأقل.
لذلك يعتقد الكثير من العلماء بضرورة الابتعاد عنها وعدم الخوض فيها، وقد شكلت توصياتهم هذه ضغوطاً سياسية لإيقاف تجارب من هذا النوع تماماً في أكثر من مناسبة.
التدقيق العلمي واللغوي : م. ثائر محمد
المصادر:
https://nap.nationalacademies.org/read/25762/chapter/2