هل دور الأزياء تستخرج الأصبغة السوداء من النفايات؟؟
كيف يمكن أن تكون الأصبغة السوداء صديقة للبيئة؟؟
هل فكرتم يومًا عن سر اختفاء اللون الأسود في نهارنا، وظهوره في سماء ليلنا .مهيبٌ ومدهش لا شك بذلك، لكن لو ركزنا أكثر سنكتشف أن المعلومات والبحوث تشير أن اللون الأسود ليس صديقًا للبيئة…
كيف وهو سيد الألوان وملك الأقمشة؟ نعم هذا صحيح على المستوى الاجتماعي إلا أنَّ سيد الألوان يتسبب بأضرارٍ قاتلة للبيئة، لذا في نهاية هذه التدوينة سنجد حكماً مناسباً.
أصبغة المنسوجات:
تتجه دور الأزياء في يومنا هذا نحو المواءمة بين الاستدامة البيئية وخط صناعتها، لذا نرى أن العديد من مصممي الأزياء لا يعتمدون الأسود الحالك في خيوطهم، ويميلون إلى درجاته الأقل ضررًا ومنهم المصممة الكورية (Wooyoungmi).
تحتوي أصباغ النسيج بشكلٍ عام على مواد كيميائية ضارة لم يتم العثور على بديلٍ فعال ومستدام لها حتى الآن، غالبًا ما تُشتق أصباغ المنسوجات الاصطناعية من مركبات بتروكيميائية غير متجددة؛ وإذا لم تتم معالجتها بشكلٍ صحيح فإنَّها تُساهم في تلوث المياه.
لقد قطع تطوير أصباغ النسيج المستدامة خطواتٍ كبيرة في الآونة الأخيرة، ولكن لا يزال هناك العديد من المواد الكيميائية الخطرة.
ولكن لماذا اللون الأسود ليس صديقًا للبيئة؟
يعد اللون الأسود أحد الألوان الأكثر استخدامًا في صبغ الملابس وفي الوقت نفسه، يعد أحد أكثر صبغات النسيج ضررًا للإنسان والبيئة؛ وذلك لأن اللون الأسود ليس لونًا في الواقع، ولكن يجب مزج عدة أصباغ مثل الأزرق أو البرتقالي أو الأصفر، و هناك العديد من عمليات التصنيع للون الأسود، مما يزيد من احتمالية تسلل المكونات المشكوك فيها.
الأكياس السوداء مصيبة أم حل:
معظمنا على اطلاع بخطورة البلاستيك واستهلاكه المفرط ومع ذلك، ما لا يعرفه الكثيرون هو أن البلاستيك الأسود ضار بشكل خاص بالبيئة ومن الصعب إعادة تدويره، يوجد البلاستيك الأسود في كل منزل تقريبًا؛ ولكنَّه للأسف ضارٌ جدًا.
و السبب هو أن البلاستيك الأسود غير قابل لإعادة الاستخدام والتدوير، ويشكل استهلاكه مشكلة خاصة، إذ تحتوي العديد من آلات الفرز على أنظمة الأشعة تحت الحمراء التي لا يمكنها التعرف على اللون الأسود في النفايات المنزلية؛ ولذلك لا يتم إعادة استخدامها في مراكز إعادة التدوير وبدلاً من ذلك ينتهي بها الأمر في مدافن الأرض أو يتم حرقها.
بالإضافة لاحتوائه على مواد كيميائية مثل البروم أو الأنتيمون والرصاص، هذه المواد الكيميائية سامة لها آثار صحية سلبية قوية؛ حيث أن كل أشكال البلاستيك مصنوعة من البترول وهي ضارة بالبيئة نسبةً لاستهلاك البترول الذي يتسبب بمعظم أنواع الملوثات المسببة للمشكلة العظمى ألا وهي التغير المُناخي والبيئي ويجب مقاطعته.
ماذا نستخدم وما البدائل والحلول الممكنة؟
تطلق بعض شركات الأزياء مشروعًا يهدف إلى تطوير أصباغ سوداء من مواد النفايات التي تناسب صباغة نوعين من الألياف: ألياف السليلوز الاصطناعية (MMC) والخيوط المصنوعة من البوليستر المعاد تدويره (rPET)،هدفه أن تكون صناعة الأزياء مستدامة. (Fashion for Good)
واسمه( Black Pigment)؛ يضم المشروع ثلاثة مبتكرين وشركاء دوليين من صناعة الأزياء: مجموعة Kering الفرنسية، وشركة PVH الأمريكية، ومجموعة Bestseller Group الدنماركية؛
ويهدفون معًا أن تكون هذه الأصبغة السوداء والتي هي شكل خاص من الكربون يتكون من جزيئات صغيرة جدًا ذات عتامة عالية إذ يتم استخلاصها من مواد النفايات مثل الكربون الصناعي والطحالب والخشب.
يهدفون أن تحل محل أصباغ النسيج الاصطناعية، ويمكنها أيضًا تمكين إنتاج منسوجات أكثر استدامة مع تقليل التلوث الكربوني.
يركز المشروع التجريبي على الصبغ بالدوران، حيث تتم إضافة اللون إلى مزيج البوليمر قبل غزله ولا يتم إنتاج مياه الصرف الصحي في هذه العملية.
ونتيجة لذلك، تعتبر الصباغة بالدوران بمثابة عملية إنتاج موردة وصديقة للبيئة للمنسوجات الاصطناعية نظرًا لعتامة اللون العالية، فإن جودة اللون أفضل أيضًا من أصباغ النسيج الاصطناعية. ومن أهم معايير صبغات النسيج أنَّها ثابتة اللون أو تتحول إلى اللون البني أو البرونزي بتركيزات عالية أو منخفضة.
ومن الاستراتيجيات الأخرى التي على مختلف الشركات تطبيقها، وليس فقط شركات الأزياء عملية التغليف، إذا يجب على المنتجين التقليل من الأغلفة غير الضرورية وابتكار بعض الحلول المبدعة كبديل عن استخدام الأغلفة البلاستيكية السوداء أو غيرها من الأغلفة الضارة للبيئة، كأن يبتكروا أغلفة قابلة لإعادة الاستخدام.
في الختام:
هناك الكثير من الكماليات التي لا يتخيل الإنسان حياته من دونها، لكنه لا يعير انتباهًا لأضرارها، ولا يملك الوعي الذي يؤهله للتفكير بأنَّه يستطيع الاستغناء عنها، وإيجاد بدائل مناسبة أقل ضررًا.
فالعديد من الأشخاص يثقون ببعض الخوارزميات والاتجاهات التي يفرضها أصحاب القرار ورؤوس الأموال مع أنَّهم قادرون على التحرر منها.
لذا لنكن نحن من الأشخاص المبادرين إلى تحسين بيئتنا وإثراء كوكبنا لنعيش حياة أفضل، وما الاستغناء عن الأكياس البلاستيكية السوداء إلا خطوة من خطواتٍ كثيرة وبسيطة على المسار الصحيح نحو حياةٍ حضارية، حياةٍ صحية، حياةٍ أفضل لنا وللأجيال القادمة.