لقاء مع ضحية أم قاتل؟
أنا شخص يعاني طوال حياته ,يتعرض للضرب والعنف ,والجميع يقول إنني سبب المشاكل والأمراض. لنعود سوياً إلى البداية لأروي لكم قصة حياتي.
يتم زراعتي في ظروف صعبة وأقاتل حتى أنمو, ويضعون مواد غريبة علي لأنمو فأسمع دائماً صوتان يتقاتلان علي.
الأول: هذه المبيدات الحشرية ومنظمات النمو الزراعي والأسمدة الكيميائية ستساعد في نمو التبغ وسأحصل على محصول كبير وأصبح غنيًا.
الثاني: توقف عن استخدام هذه المواد، فهي تسبب مشاكل صحية وبيئية.
ويستمر الصراع بين هذين الصوتين.
ومع الوقت، أبدأ بالنمو والتعرف إلى مَن حولي لكن فجأة يتم انتشالي من ساقي ليعود الصوتين مرة أخرى للقتال.
الأول: هذا التبغ سيجلب لي الثروة الكبيرة.
الثاني: توقف عن زراعته، فنفايات التبغ تحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية سامة، من ضمنها مركبات مسببة للسرطان.
بلمح البصر أجد نفسي محبوسةً في أكياس ,وأنتقل من مكان إلى آخر بعيدًا عن أصدقائي وأحبابي. لا أعرف أين أنا ولا من هم. ثم يتم رمي على أقمشة وطاولات دون ماء لأموت وأصبح يابسة من العطش.
هنا أسمع نقاش الصوتين مرة أخرى.
الأول: يجب قطع المزيد من الأشجار لزراعة التبغ.
الثاني: علينا التوقف عن زراعة التبغ. فأنتم تزيلون الغابات. فكل شجرة تفقد تكون مقابل 300 سيجارة. فهل يستحق الأمر برأيك؟
وبعد أن أترك لفترة طويلة، يقنعوني بالقوة بارتداء ملابس بيضاء لأصبح أجمل وأكثر قابلية للعرض. ويغيرون إسمي من التبغ إلى السيجارة ويجبروني على الإحتفاظ بهذا الإسم لأسمع الجميع ينادوني به بعد أن عشت كل حياتي كتبغ.
للأسف ما أن أفرح بثيابي الجديدة وأبدأ بالتأقلم مع إسمي الجديد. أجد نفسي مقيدة وموضوعة في حبس مستطيل وهناك ما يقارب ٩ أصدقاء مثلي نلتصق الواحد بالآخر دون مراعاة حدودنا الشخصية.
ماذا أفعل غير أن أتعرف عليهم ونصبح أصدقاء ولكننا نواجه بعض حالات الدوار أحيانًا. كالذي يركب العاب مدينة الملاهي. ونسمع جملًا مثل: “لا تدخن سيصيبك سرطان” أو “لماذا تشتري السجائر وأنت مريض، هل تريد الموت؟” وعبارات أخرى مثل “هذا الشيء ضار بصحتك” أو “قد تصاب بالجلطة أو تقل مناعتك وتعاني من العديد من الأمراض إذا دخنت”.
يتحدثون وكأننا وحوش نجبرهم على التدخين أو قاتلون متسللون نقتل دون رحمة وكل ما في الأمر أننا نحاول البقاء على قيد الحياة بهذه الظروف الصعبة. ونسمع أيضًا: “اوووه كم اشتقت للدخان” أو “سأجني الكثير من المال في بيعهم”. وكأننا أشياء للتجارة واكتساب المال.
بعد فترة طويلة أجد الحبس قد استقر في مكان وأسمع صوت فتح الباب وأرى النور أخيرًا. إننا أحرار الآن وبعد كل هذه المعاناة أستطيع العيش بأمان وسلام مع أصدقائي الذين عاشوا تجارب متشابهة تشاركناها في هذا الحبس. لأصدم بيد تخرج أحد الأصدقاء وصوتً بشع وصراخ صديقتي لأجدها تحترق بالنار وشخص يستنشقها ويخرج دخانه
وتعود الأصوات من جديد
لأول: اوووه الآن لقد أصبحت في مزاج أفضل بعد هذا اليوم المتعب.
الثاني: ولكن، هل تعلم أن الدخان الذي تصنعه الآن يؤدي إلى انبعاث آلاف الأطنان من المركبات المسببة للسرطان، والمواد السامة، وغازات الإحتباس الحراري في البيئة. كما يضر العديد من البشر الذين يستنشقونه.
لاجد الأصوات مستمرة هو مستمر بالسحب والاستنشاق غير مهتم بهذه الأصوات التي لا تتوقف.
أجد نفسي أنتظر الموت والعذاب وأنا أراقب أصدقائي وهم يعانون. وما أن يحين دوري أبدأ بالصراخ ولفظ أنفاسي الأخيرة. أتلوى وأتعذب وهو يستمتع ويستنشقني. ثم يرميني أينما كان في الطريق، الحديقة، أو الشارع. لتعود الأصوات مرة أخرى.
الأول: للأسف لم تدم طويلاً.
الثاني: انظر إلى شكل المكان والأوساخ التي تظهر التراجع الحضري.
لثاني: هل تدرك أن ما ينتج عن استهلاك السجائر في جميع أنحاء العالم يصل إلى 680 مليون طن من النفايات سنويًا. وتمثل أعقاب السجائر نحو 30-40% من جميع أصناف القمامة التي تلتقط سنويًا في عمليات التنظيف الساحلية والحضرية على الصعيد الدولي. والمواد التي تتسرب من مرشحات أعقاب السجائر هي مواد سامة للحياة المائية.
وأنا ألفظ آخر أنفاسي. ولازلت أسمع الأصوات تتقاتل.
الثاني: تحتاج فلاتر السجائر لعقود لتتحلل نظرًا لأنها تصنع عادة من ألياف خلات السليلوز، وهو نوع من البلاستيك الحيوي. ويقدر عدد ما يلقى منها في النفايات بحوالي 4.5 تريليون كل عام.
وأن فلاتر السجائر غير المدخنة لها نفس تأثيرالمدخنة تقريبًا على نمو النبات ، مما يشير إلى أن الأضرار التي تلحق بالنباتات سببها الفلتر نفسه، حتى بدون السموم الإضافية الناتجة عن حرق التبغ.
وقد قال الباحثون إن: “إلقاء أعقاب السجائر يبدو عرفًا مقبولًا اجتماعيًا ولكن نحن بحاجة لزيادة التوعية بأن الفلاتر لا تختفي وأنها بدلاً من ذلك يمكن أن تسبب ضررًا للبيئة”.
و لكن لما يعاملوني كأنني المجرمة حتى وأنا أموت ورغم أن جسدي سيبقى لمدة طويلة ولكنهم من البسوني هذه الثياب وهم من وضعوني في كل هذه المعاناة. فلما زرعتوني وصنعتوني. فلو لم تفعلوا هذا لما اضطررت للمعاناة وعيش هذه الحياة المتعبة.