إختر مستقبل طفلك
أذكر جيداً اللحظة التي خرجت بها الممرضة مبتسمةً تحمل بين يديها الرقيقتين، سامر صغير عائلتنا.
تجمع حوله كلٌ من ، إخوته ، أعمامه ، وما تبقى من العائلة أخوالٌ وأجداد، مهللين، مباركين وفرحين.
فتراوح إلى بالي سؤال ؟؟كم عدد الأطفال الذين ولدوا في اللحظة ذاتها ؟؟
بعد بحثٍ مطول ..وجدتُ أن آلاف الأطفال يتشاركون يوم الميلاد نفسه مع صغيرنا سامر ، أتوا ليتشاركوا الأرض مع “الثماني مليارات” نسمة , والمفاجأة أننا تجاوزنا حاجزها مع بداية العام الجديد 2023 ، حيث تشير التقديرات أن هذا الجيل من الأطفال سيشهدون قدوم أحفادهم في مطلع 2050مع 3 مليارات زائر جديد.
فهل يعد هذا الأمر خطراً ؟!
حسناً وفقاً للدراسات فإن التزايد الكبير في عدد سكان الأرض يترافق مع زيادة أكبر للغذاء والموارد مهدداً بذلك جميع موارد الكوكب ومصادر الطاقة .
فمجرّد إطعام 8 مليارات شخص سيوّلد أكثر من ربع انبعاثات غازات الإحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المُناخ: حيث أن 40% تتسبب به تربية الماشية والنفايات الغذائية، والباقي تسببه الأسمدة وإزالة الغابات بهدف توسيع الأراضي للزراعة.
أي أن طبق الأرز الذي ينوي ابن حفيد سامر أن يأكله في المستقبل، قد يَصعُبُ الحصول عليه، وسيكون إنتاج الغذاء معقداً بسبب التغير المُناخي الذي يتجلى من خلال الجفاف والفيضانات وغيرها من الظواهر المُناخية المتطرفة.وذلك في حال كان الجيل بأكمله يتسبب بأفعال سلبية تزيد من التغير المُناخي (السيناريو الأسوء).
لكن في الحقيقة إن خطورة الموضوع نسبية وفقاً لمعيار الوعي البيئي ,فهناك فرقٌ شاسع بين مجتمعاً مكونٍ من أفراد يتسمون بالوعي ,وأخر..أفراده غير مهتمين البتة.
إليك بعض الأمثلة التي ستبين أن الفرق في العادات الصغيرة يبني عالماً آخر تماماً :
نظام نباتي:
وفق دراسةٍ طرحتها الأمم المتحدة عام 2021 وجدت أن 34% من انبعاثات غازات الاحترار العالمي سببها النظام الغذائي,وأن الجزء الأكبر من الانبعاثات يعود إلى إنتاج اللحوم التي تتسبب بانبعاثات تفوق 20 مرة انبعاثات الجوز والبقوليات.
أي أن النظام الغذائي النباتي هو الأقل تأثيراً على المُناخ, حيث يولد 0.7 كجم من ثاني أكسيد الكربون لكل 1000 سعرة حرارية مستهلكة .وبالتالي فإن عملية التحول والإنتقال إلى نظام غذائي نباتي سيساعد على تقليل البصمة الكربونية السنوية للفرد لتصل إلى2.1 طن عند اتباعه غذائاً نباتياً أو ما يصل إلى 1.5 طن للنباتيين.
هدر الطعام :
ولايقتصر على الأفراد بل الشركات أيضاً سواء قمنا بشرائه او إلقاء ما تبقى أو حتى تناول أكثر مما هو ضروري.
والأمر المرعب والمجهول من قبل الأفراد ,أن الإسراف في الطعام وصولاً لنتيجة وجود بقاياه ,تؤدي إلى استخدام موارد إضافية مثل زيادة مساحات الأراضي الزراعية على حساب الغابات والمياه والطاقة ,كذلك عمليات نقل المواد التي يترتب عليها كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون.
ما الحل :
بسيط , يقتصر على تقليل الهدر والاكتفاء بما نحتاجه, حيث ستقل انبعاثات الكربون بنسبةٍ تصل إلى 1.3 طن سنوياً.ولهذا الحل مزايا عدة منها توفير المال, حماية موارد الكوكب , تقليل الهدر, الحفاظ على صحتنا.
ماذا عن البصمة الكربونية لسيارتك؟؟
وفقاً للموقع الرسمي لوكالة حماية البيئة الأمريكية فإن كمية الانبعاثات من سيارة ركاب متوسطة تطلق حوالي 400 جرام من ثاني أوكسيد الكربون لكل ميل. وأن السيارة النموذجية تصدر مايقارب من 7-10 أطنان من الغازات الدفيئة كل عام.
يمكن تقليل هذا الرقم من خلال وسائل صديقة للبيئة كالمشي أو الدراجة الهوائية أو حتى يمكنك إقلال عدد من الركاب بسيارتك.
تغيير سلوك:
أشار موقع «Nature Conservancy» أن متوسط البصمة الكربونية الحالية للفرد بلغت 4.8 طن من ثاني أكسيد الكربون .ولإبقاء درجة حرارة الكوكب ضمن الحد المطلوب يجب أن لا تتجاوز البصمة الكربونية للفرد عن 2 طن بحلول عام 2050.
وتحدث «تيم ماكدونيل» من موقع الأخبار العالمي «سيمافور» مؤخراً إلى أن تغيير سلوك الفرد المستهلك لديه القدرة على تخفيض 5% من الانبعاثات العالمية.
فعند شراء رجلٍ لألواح الطاقة الشمسية ووضعها على سطح منزله فهو بهذه العملية يرسل إشارةً إلى جيرانه بأنه من الجيد القيام بذلك,فهذا الفعل يحفزهم ويدفعهم للقيام بالأمر ذاته . وكلما زاد عدد الأفراد الذين يتخذون هذه الخيارات, زاد عرض المنتجات الخضراء وبالتالي توفيرها بشكلٍ أكبر وبسعرٍ أرخص , وهذا سينتهي بأن تكون في متناول عدد ٍأكبر من المستهلكين .
نهاية:
مستقبل حفيد سامر يتوقف على وعي سامر وأفعاله.
إن الحل بيدك….. أنت من سيختار المستقبل الذي ستعيش به أنت ,أولادك,وأحفادك , يمكنك إحداث فرق.
لنعمل معاً على رفع الوعي وتشجيع الاستهلاك المتوازن للموارد , لنعمل على خلق توازن بين المجتمع والبيئة وزرع فكرة أنهما كيانٌ واحد .
وتذكر أن أثرك سيمتد إلى ماهو أبعد من بصمتك الكربونية.