مؤتمر COP 28
مع اقتراب مؤتمر كبير آخر للمناخ ووقوع “خسائر وأضرار” عالمية، يجب علينا مواصلة الضغط على أكبر المتسببين في الانبعاثات.
بعد الفيضانات التاريخية وحرائق الغابات الأخيرة، أصبحت الخسائر الكبيرة لتغير المناخ واضحة بشكل متزايد. ولكن على الرغم من هذه الكوارث المتزايدة الحدة، فإن الأمل ضئيل في اتخاذ إجراءات مسؤولة لمعالجة أزمة المناخ مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ .(COP 28) إن زعماء البلدان ذات الانبعاثات العالية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمملكة المتحدة والصين، مسؤولون بشكل خاص عن تغير المناخ، ويتعين عليهم أن يغيروا المسار إذا أردنا تجنب الأسوأ ومعالجة التفاوت وعدم التوازن الواضح في سياسة المناخ الحالية.
من خلال اتفاق باريس، تعهدت العديد من البلدان وأطلقت أموالاً لدعم التخفيف من آثار تغير المناخ (منع وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والانتقال إلى الطاقة المتجددة) والتكيف مع المناخ (الإجراءات اللازمة للتكيف مع تأثيرات المناخ الحالية والمتوقعة والحد من أضرارها). وهناك خطوات إيجابية الآن منها مراقبة مستمرة للتقدم المُحرز في هذه المدفوعات، والتحقق من كيفية الوفاء بالالتزامات وتتبع النتائج التي يتم تحقيقها. ومع ذلك، فشلت البلدان ذات الانبعاثات المرتفعة في الوصول إلى الهدف الذي تعهدت به وهو منح 100 مليار دولار سنويا للدول النامية بحلول عام 2020.
للأسف، في الكثير من الحالات تكون الأضرار قد حدثت بالفعل ولم يعد التأقلم ممكنًا، فعلى سبيل المثال ارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى حدوث أضرار بالنظام البيئي وخسائر بالأراضي، هذا ما يُعرف بـ المعنى الحقيقي ل “الخسائر والأضرار” في وقتنا الحالي. لقد ناضلت الدول الجزرية الصغيرة والدول النامية لثلاثة عقود من أجل الاعتراف بالخسائر والأضرار في المفاوضات الدولية، ولكن بدون جدوى. تعتمد مستقبل ملايين الأشخاص على مبادرات مثل اللجنة الانتقالية المعنية بصندوق الخسائر والأضرار التي تهدف إلى توجيه تمويل المناخ إلى المناطق الأكثر تضررًا. ومع ذلك، فإن اللجنة فشلت في التوصل إلى اتفاق قبل انعقاد . مؤتمر COP 28
كانت رئيسة الوزراء السابقة لاسكتلندا، نيكولا ستورجن، من أوائل المطالبين عن تعويضات الخسائر والأضرار من الدول الغنية في مؤتمري Cop26 وCop27 . حيث تعهدت ستورجن بمبلغ مليوني جنيه استرليني في البداية، ثم 5 ملايين جنيه استرليني أخرى، كما حثت الدول الصناعية القوية على الالتزام بسد الفجوة في التمويل من أجل تحقيق عدالة مناخية حقيقية. وكانت اسكتلندا أيضاً واحدة من أولى الدول التي تحدثت عن التعويضات المناخية، مدركة لأهمية المساءلة التاريخية.
من المؤسف أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من بين دول أخرى استبعدت بشكل قاطع التعويضات المناخية. والسبب وراء هذا لا يزال غير واضح، من الممكن أن يكون بشأن القلق حول مساءلتهم، واحتمال تعرضهم للتقاضي. إن عدم موافقة الولايات المتحدة بشكل خاص على دفع التعويضات المناخية، على الرغم من كونها أكبر ملوث للغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، وبالتالي أكبر مساهم في تغير المناخ على مر التاريخ، يشكل تنازلاً صارخاً عن المسؤولية. ويمكن قول الشيء نفسه عن القوى الاستعمارية والإمبريالية الأخرى في أوروبا. لقد أصبح الاهتمام منصباً على نحو متزايد على الصين وانبعاثاتها المتزايدة في الأعوام الأخيرة ولكن لا ينبغي لنا أن ننسى تاريخ الآخرين.
مما لا شك فيه، وبغض النظر عن أي التزامات تم التعهد بها في مؤتمر COP 28، فإن الحاجة إلى قدر أكبر من مساءلة الشركات والعمل المحلي تظل حاسمة. تستمر صناعة الوقود الأحفوري في إنتاج انبعاثات الغازات الدفيئة والحفاظ عليها والاستفادة منها، ويجب عليها تغيير نموذج أعمالها بشكل أساسي. وفي الوقت نفسه، تظل الجهود الأكبر التي تبذلها الحكومات المحلية والمجموعات المدنية والمنظمات غير الربحية ضرورية لمعالجة الظلم المناخي المستمر والمتزايد على أرض الواقع.
المساءلة المناخية هي واجب مشترك بين الجميع، فهي حجر الأساس في معركتنا ضد أزمة المناخ وتتألف من شبكة معقدة من الإجراءات والقرارات والالتزامات.
بينما يستعد العالم لمؤتمر COP 28، يقع العبء على القادة والشركات والأفراد حول العالم للوقوف في مواجهة الظروف والدعوة إلى قضية العدالة المناخية. يجب على الدول الغنية أن تبدأ في تخصيص تمويل حقيقي لمواجهة الخسائر والأضرار، مع تكثيف جهود التخفيف والتكيف، وكبح تأثير صناعة الوقود الأحفوري في سياسات المناخ.
مستقبل كوكبنا يعتمد على ذلك.
تدقيق: أنمار الصالح
المصدر:
https://www.theguardian.com/commentisfree/2023/nov/01/climate-destruction-rich-countries-cop28