دوّن للأرض

قطاع المياه
قطاع المياه

قطاع المياه في سوريا، أثر التغيّر المُناخي

تشهد سوريا تفاقماً في أزمة قطاع المياه، ويترتب عليها عواقب وخيمة، وذلك نتيجة لتغير المُناخ وتقلبات أنماط الطقس التي أصبح من الصعب تنبؤها. يُعزى تدهور البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والنظافة العامة بشكلٍ كبير إلى النزاعات المستمرة التي تعصف بالبلاد. وفوق كل ذلك، تزيد الأزمة الإقتصادية من تحديات الوصول إلى مياه الشرب للكثير من الأفراد.

وتعتمد سوريا بشكل رئيسي على نهر الفرات ونهر دجلة للحصول على إمدادات المياه العذبة السطحية. يُعتبر نهر الفرات واحدًا من أكبر الأنهار الشرق الأوسط، وينبع من تركيا ويمر عبر سوريا والعراق قبل أن يصب في الخليج العربي. وفي العقد الأخيرة شهد نهر الفرات انخفاضًا كبيرًا في مستوى المياه. 

وتأثرت سوريا بشكل مباشر بتلك التراجعات، حيث انخفضت كمية المياه المتاحة للشرب والزراعة وتشغيل محطات الطاقة المائية، وهي جميعها قطاعات حيوية.

تشهد سوريا زيادة مستمرة في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى زيادة التبخر ونقص الموارد المائية، ويتسبب ذلك في تأثيرٍ سلبي على الزراعة والصحة العامة. وأشار تقرير نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر والصليب الأحمر النرويجي إلى تعقيد آثار تغير المُناخ وتدهور البيئة وعلاقتها بالصراعات في الشرق الأوسط. 

تواجه سوريا خطراً متنامياً بعد أكثر من عقد من الحرب التي دمرت البنية التحتية، حيث يشهد البلد بالفعل زيادة كبيرة في درجات الحرارة. ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة السنوية بمقدار 2-4 درجات مئوية بحلول عام 2050..

يواجه الشعب السوري تحدياتٍ كبيرة في مجال المياه، حيث يعاني البلد من نقصٍ حاد في الموارد المائية. يُعزى ذلك إلى تراجع كمية الأمطار وانخفاض منسوب المياه الجوفية، مما يؤثر بشكل سلبي على الزراعة والشرب والصناعة. 

وقد تفاقمت هذه التحديات بشكل خاص على الشعب السوري بسبب التهديدات المتعلقة بالمياه، سواء جراء النزوح الكبير للسكان جراء الأزمة التي بدأت في عام 2011، أو بسبب سوء إدارة الموارد المائية وتدهور البنية التحتية، وحتى إستخدام المياه كسلاح في الحروب.

وأضافت الدراسات أن مشاريع السدود التركية أدت إلى انخفاض مستويات نهر الفرات، مما أزمَّ الوضع بشكل أكبر. وحذَّرت الدراسة من حدوث فترات جفاف قوية تشابه ما حدث في الماضي، بواقع مرة واحدة على الأقل كل عشر سنوات في سوريا والعراق، ومرتين في إيران، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتفاقم الوضع..

بالإضافة إلى ذلك، تواجه سوريا تهديداً متزايداً من ظاهرة التصحر وفقدان التنوع البيولوجي، مما يؤدي إلى تدهور إنتاجية الأراضي وتدمير النظم البيئية وتهديد الحياة البرية. يشهد البلد ازدياداً في التلوث البيئي في جميع أنحائه، مما يعقد المشهد المعقد بالفعل في البلاد.

ومن مؤثرات نقص الموارد المائية على القطاع الزراعي والذي يُعتبر الأكثر تأثراً بتغير المُناخ في عام 2020، عندما شهدت المنطقة تراجعًا حادًا في هطول الأمطار، مما زاد من ارتفاع درجات الحرارة، وأدى إلى حدوث فترات جفاف تسببت في نزوح ملايين الأشخاص وتدمير المحاصيل الزراعية وزيادة مخاطر انعدام الأمن الغذائي. 

ونتيجة لذلك، يحدث تراجع في إنتاجية القطاع الزراعي، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأغذية. ويُعتبر القطاع الزراعي جزءًا حيويًا في الإقتصاد السوري، وبالتالي يؤثر تدهوره سلباً على النمو الإقتصادي ومستوى معيشة المزارعين.

كما تتأثر صناعة الطاقة في سوريا بتغير المُناخ وتراجع كميات المياه المتدفقة في الأنهار والتي تستخدم لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة المائية. ويحدث ذلك بسبب انخفاض في مستوى المياه في السدود، الذي يؤثر على قدرة البلاد على توليد الكهرباء وتلبية الطلب المتزايد عليها.

تتأثر السياحة بنقص الموارد المائية نتيجة تغير المُناخ في سوريا، حيث ينخفض جاذبية المناطق السياحية المعروفة بسبب زيادة ظاهرة التصحر وتدهور البيئة وارتفاع درجات الحرارة. ونتيجة لذلك، يقل الإقبال على السياحة وتنخفض الإيرادات السياحية، مما يؤثر سلباً على الإقتصاد المحلي وفرص العمل المرتبطة بالسياحة.

تكاليف التكيف مع تغير المُناخ في سوريا وتعافي البنية التحتية من تأثيراته يتطلب استثمارات ضخمة. من المهم الإستثمار في تحسين البنية التحتية لتكون مقاومة للكوارث وقادرة على التكيف مع التحديات المُناخية، مثل تطوير أنظمة الري المتقدمة وتوفير مصادر مائية بديلة وتعزيز البنية التحتية الكهربائية المستدامة.

خاتمة:

تواجه سوريا تحديات كبيرة بسبب تغير المُناخ، وتؤثر هذه التحديات على الحياة اليومية والإقتصاد والبيئة. من الضروري أن تتخذ الحكومة والمجتمع التدابير اللازمة للتكيف مع تغير المُناخ والحد من تأثيراته السلبية. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة من جميع الأطراف، بما في ذلك القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، للتعاون وتبادل المعرفة وتوفير الدعم اللازم لحماية البيئة وضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.

كتابة: سارة الكيال

تدقيق: داليه عبد اللطيف

إقرأ أكثر مع SCP

(هذه التدوينة من مخرجات مشروع "دوّن للأرض" بالتعاون مع مشروع تمكين)