دوّن للأرض

سوريا على رقعة التغير المناخي
سوريا على رقعة التغير المناخي
سوريا على رقعة التّغير المناخي

هما كلمتان عاديتان أصبحتا حالياً حديث الشارع العالمي و الشغل الشاغل لكل حكومات ومنظمات العالم الدولية منها والمحلية.

في البداية يجب التنويه إلى أن التغير المُناخي هو ظاهرة حذّر منها العلماء والناشطين المُناخيين منذ زمنٍ طويل جداً ,ولن نبالغ إن قلنا منذ بداية الثورة الصناعية في أوروبا . فلماذا لم يبدأ العالم بالتعاطي مع هذه الظاهرة التي تحولت إلى مشكلة وتحدي عالمي إلا في العقد الأخير المنقضي ؟

يأتي الجواب واضحاً في أن أثاره لم تظهر بشكلٍ جلي ومباشر إلا في الفترة هذه , وظهرت المقولة المشهورة “نحن أول جيلٍ يشعر بآثار التغير المناخي وأخر جيل يستطيع فعل شيءٍ حيال ذلك”.

وبما أنه لايوجد أي منطقة على الأرض في منأى عن آثار التغير المناخي ، فهل يعتبر السوريين أنفسهم في منأى عن آثار التغير المناخي ؟

طبعاً لا ، وعلى العكس تماماً فإننا معنيين أكثر من غيرنا  من آثار التغير المناخي ,لعدة أسباب أبرزها تداعيات الحرب التي عاشتها البلاد لأكثر من عشر سنوات والتي غيرت شكل المنطقة الجغرافي والمناخي ، إضافة إلى أسباب لسنا بصدد مناقشتها حالياً.

وفي استعراضٍ سريع  نلمس  أهم آثار التغير المناخي في سوريا :

1- النزوح والتغير المناخي:

منذ اندلاع الحرب في المنطقة عام 2011 أدت إلى نزوح السكان داخلياً , وكانت النسبة الأكبر من النازحين تتجه نحو المنطقة الساحلية التي تشكل نحو 90 % من الغطاء النباتي في سوريا. حيث أدى هذا النزوح إلى تدهور الأراضي المستضيفة وتآكلها فضلاً عن التلوث البيئي .

2- أراضٍ مهجورة ومياه ملوثة:

إضافة إلى أن النزوح أدى إلى تدهور الأراضي المضيفة إلا أنّ أراضي النازحين أصبحت مهجورة ومهملة , متروكة ليأكلها الجفاف والتملح .

إضافة إلى  تغير المُناخ ونقص الوقود وضعف خدمات وقدرات الصيانة, يؤثر بشدة على شبكات المياه في سوريا، مما يعرض المجتمعات الضعيفة لتفشي الأمراض، ويؤدي إلى تآكل آليات التكيف لدى الناس ويجبرهم على اتخاذ قراراتٍ صعبة من أجل البقاء، بما في ذلك استخدام مصادر المياه غير الآمنة.

وقد شهدت سوريا مؤخراً بعضاً من أسوأ الظروف الشبيهة بالجفاف في تاريخها. وكانت فترات الجفاف شديدة وطويلة الأمد، مما أدى إلى سوء ظروف الغطاء النباتي ومواسم هطول الأمطار الأكثر جفافاً من المعتاد التي استمرت في عام 2022. 

ووفقا لدراسة حديثة أصدرتها مجموعة  World Weather Attribution ، فإن تغير المناخ الناجم عن الإنسان والتأثيرات الأجتماعية والضغوط الاقتصادية  أثرت على المياه بشكل أكبر  مؤدية الى خلق ظروف شبيهة بالجفاف.

3- التغير المناخي أداة تشعل الحرائق :

بعيدا عن الحرب وآثارها كان للكوارث الطبيعية أسهمٌ أيضا. حيث اجتاحت حرائق الغابات المناطق الساحلية والوسطى هذا الصيف، بدءًا من حمص في يونيو/حزيران وامتدت إلى محافظات حمص وحماة واللاذقية بحلول منتصف يوليو/تموز.

وأججت الحرائق الرياح الشرقية الدافئة والنباتات الجافة وارتفاع درجات الحرارة. 

كان بعضها شديدًا للغاية، لدرجة أنها خلقت أنظمة الطقس الخاصة بها، مما أدى إلى توليد سحب ركامية دخانية  احتجزت الحرارة وولدت رياحًا قوية، مما أدى إلى المزيد من الحرائق.

كما تدفع الظروف الأقتصادية المتردية الناس إلى قطع الأشجار للحصول على الوقود في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة . الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم حرائق الغابات، مما يخلق حلقة مفرغة . 

لكن في النهاية وكي لا ننظر “إلى النصف الفارغ من الكأس” سنخبركم بأنّ السوريين يتخذون عادات و أفعال بالفطرة تعتبر عاداتٍ إيجابية وفعالة جداً في مواجهة أثار التغير المُناخي, وسأخبركم ببعض الجمل التي لطالما سمعتوها كسوريين أو من السوريين.

كيس كياس 

إذا دخلت إلى أي منزل ستجد وبشكل بديهي كيساً مليئاً بالأكياس يتم فيه إعادة استخدام الأكياس الفارغة عوضاً عن رميها ، وقد امتدت هذه الظاهرة حتى شملت المقاهي والمطاعم والمنشآت وأماكن العمل .

بس تصغر الكنزة عطيها لأخوك .

لايقوم السوريون برمي الملابس القديمة أو تكديسها وعلى العكس تماماً فهي تُلبَس من قبل كل أفراد العائلة والمقربين في بعض الأحيان .

مرق بياع الخبز اليابس

إن الخبز في نظر السوريين هو أقدس الموجودات في المنزل ويقومون بتسميته “نعمة “وهم لايرمون الخبز الفائض عن حاجتهم بل يقومون بتنشيفه وتخزينه وبيعه أيضاً ليصنعوا منه علفً للحيوانات.

ومن الملفت والفكاهي أنهم رغم كونهم من يبيعوا الخبز إلا أنهم يسموا المشتري المتجول ببائع الخبز اليابس .

لاتكب الكنزة بعملها ممسحة 

في حال  نجت إحدى قطع الملابس من ظاهرة إعادة الإستخدام العائلي تقوم الأُمهات فوراً بإيجاد مكان مناسب لها في المطبخ ك شقفة قماش للمسح أو لتلميع التحف والبلور .

المراجع :

تقرير اوتشا عن سوريا في مؤتمر الأطراف  COP28 

https://unocha.exposure.co/syria-facing-the-dual-challenge-of-climate-change-and-conflict

المركز الاماراتي لدراسة السياسات 

أخبار الامم المتحدة 

https://news.un.org/ar/story/2023/02/1118227

كتابة: حسين القاسم

تدقيق: داليه عبد اللطيف

إقرأ أكثر مع SCP

(هذه التدوينة من مخرجات مشروع "دوّن للأرض" بالتعاون مع مشروع تمكين)